كتابة :
آخر تحديث: 16/10/2024

شرح قصيدة السيف أصدق أنباء من الكتب

تعد قصيدة السيف أصدق أنباء من الكتب واحدة من أهم القصائد المدحية في العصر العباسي، والتي يشيد فيها أبو تمام بأهمية السيف وأعمال البطولة على أرض المعركة ويصف شجاعة الخليفة المعتصم في الدفاع عن الأمة الإسلامية. وقد استخدم أبو تمام البيت ليؤكد أن القوة الحقيقية والأحداث التاريخية تبرز على أرض المعركة وليس بالكلمات أو الكتب. القصيدة تحمل مديحًا عظيمًا للمعتصم وتخليدًا للنصر العظيم في فتح عمورية، وأصبحت رمزًا للأدب العربي الكلاسيكي وقوة الكلمة في الاحتفاء بالبطولات التاريخية، وفي هذا المقال في موقع مفاهيم نتعرف على شرح أبيات هذه القصيدة، تابعونا.
شرح قصيدة السيف أصدق أنباء من الكتب

قصيدة السيف أصدق أنباء من الكتب

  • نوع القصيدة: قصيدة شعرية بلاغية مدحية
  • الغرض الشعري: المدح.
  • نوع البحر: البحر البسيط
  • الشكل الشعري: عمودي
  • القافية المشتركة: حرف الباء.
  • كاتب القصيدة: أبى تمام- والبيت المشترك في القصيدة السيف اصدق أنباء من الكتب مع الشاعر المتنبي.
  • عدد أبيات القصيدة: 71 بيتًا

سبب قصيدة السيف اصدق انباء من الكتب

سبب قصيدة السيف اصدق انباء من الكتب للمتنبي

  • قصيدة المتنبي التي تبدأ ببيت "السيف أصدق أنباءً من الكتب" هي من أشهر قصائده، وقد نظمها في مدح الخليفة سيف الدولة الحمداني بعد انتصاره في "معركة الحدث" الشهيرة عام 353 هـ. كانت هذه المعركة ضد الروم، وحقق فيها سيف الدولة الحمداني انتصارًا كبيرًا، مما ألهم المتنبي لكتابة قصيدة تحتفي بشجاعة وبطولة سيف الدولة وتعزز مكانته كحاكم وقائد عسكري قوي.
  • المتنبي استخدم السيف كرمز للقوة والحقيقة، مشيرًا إلى أن السيف يقدم دليلًا قاطعًا على قوة الإنسان وإرادته، أكثر من أي كتاب قد يتناول الكلام أو التنظير.

سبب قصيدة السيف اصدق انباء من الكتب لأبي تمام

  • السبب المباشر وراء القصيدة هو الهجوم الذي شنه الروم على بلدة زبطرة الإسلامية واعتداؤهم على أهلها. يُقال إنَّ امرأة مسلمة صرخت أثناء الهجوم "وامعتصماه!"، فبلغت صرختها الخليفة المعتصم، مما أثار غضبه ودفعه للرد سريعًا. قرر المعتصم مهاجمة عمورية، التي كانت محصنة ويُعتبر فتحها تحديًا كبيرًا، إلا أنه أصرّ على تنفيذ الهجوم ليثأر للمسلمين.
  • أعدَّ المعتصم جيشًا ضخمًا وقاد حملة عسكرية ضخمة، وتمكن من دخول عمورية وتحقيق نصر عظيم، مما كان له وقع كبير في نفوس المسلمين. حينها نظم أبو تمام قصيدته التي خلدت هذا الحدث، وبدأها ببيته الشهير:

السيف أصدق أنباءً من الكتبِ ** في حدِّه الحدُّ بين الجدِّ واللعبِ

قصة قصيدة السيف أصدق أنباء من الكتب

والجدير بالذكر أن المتنبي وأبي تمام يشتركان في البيت الخاص بالسيف أصدق أنباء من الكتب، لذا يوجد قصة أخرى مرتبطة بهذا البيت مع أبو تمام، وتشمل:

قصة قصيدة المتنبي السيف أصدق أنباء من الكتب

  • قصة قصيدة "السيف أصدق أنباءً من الكتب" للمتنبي تدور حول معركة حدثت بين سيف الدولة الحمداني والروم. وقعت هذه المعركة عام 353 هـ (حوالي 964 م) بالقرب من قلعة الحدث، وهي منطقة تقع في شمال سوريا قرب الحدود مع الإمبراطورية البيزنطية (الروم). كانت المعركة جزءًا من سلسلة الصراعات المستمرة بين سيف الدولة الحمداني، حاكم إمارة حلب، والروم الذين كانوا يسعون للتوسع في أراضيه.
  • في تلك الفترة، كانت القلعة قد سقطت في يد الروم، مما شكّل تهديدًا كبيرًا على المناطق الحدودية. قاد سيف الدولة جيشه لاستعادة القلعة من سيطرة الروم. وبفضل شجاعته وقيادته، تمكن من تحقيق نصر عسكري حاسم واستعادة القلعة، مما أكسبه احتراماً وإعجاباً من شعبه وحاشيته، وأثار الإلهام لدى الشعراء وعلى رأسهم المتنبي.

قصة قصيدة ابو تمام السيف أصدق أنباء من الكتب

  • البيت الشهير "السيف أصدق أنباءً من الكتب" هو من قصيدة أبي تمام التي نظمها لمدح الخليفة العباسي المعتصم بالله بعد فتح عمورية. وقد دارت أحداث هذه القصة في العام 223 هـ (838 م)، حينما أغار الروم على بلدة زبطرة الإسلامية، فاستنجدت امرأة مسلمة بالخليفة المعتصم وصرخت "وامعتصماه"، فانتشر خبر هذه الاستغاثة حتى وصل إلى الخليفة.
  • استجابةً لهذه الاستغاثة، قرر المعتصم تجهيز جيش ضخم قاده بنفسه لمهاجمة مدينة عمورية، والتي كانت من أهم معاقل الإمبراطورية البيزنطية (الروم) وأقواها. كان المعتصم قد أصر على مهاجمة عمورية بالرغم من تحذير مستشاريه الذين أشاروا إلى إمكانية استهداف مدينة أخرى أقل تحصينًا. لكنه كان مصممًا على توجيه ضربة قاضية للروم دفاعًا عن شرف الإسلام.

شرح قصيدة السيف أصدق أنباء من الكتب

تتمثل شرح أبيات قصيدة السيف أصدق أنباء من الكتب، فيما يلي:

السَيفُ أَصدَقُ أَنباءً مِنَ الكُتُبِ

في حَدِّهِ الحَدُّ بَينَ الجِدِّ وَاللَعِبِ

بيضُ الصَفائِحِ لا سودُ الصَحائِفِ في

مُتونِهِنَّ جَلاءُ الشَكِّ وَالرِيَبِ

وَالعِلمُ في شُهُبِ الأَرماحِ لامِعَةً

بَينَ الخَميسَينِ لا في السَبعَةِ الشُهُبِ

أَينَ الرِوايَةُ بَل أَينَ النُجومُ وَما

صاغوهُ مِن زُخرُفٍ فيها وَمِن كَذِبِ

تَخَرُّصاً وَأَحاديثاً مُلَفَّقَةً

لَيسَت بِنَبعٍ إِذا عُدَّت وَلا غَرَبِ

عَجائِباً زَعَموا الأَيّامَ مُجفِلَةً

عَنهُنَّ في صَفَرِ الأَصفارِ أَو رَجَبِ

وَخَوَّفوا الناسَ مِن دَهياءَ مُظلِمَةٍ

في هذه الأبيات، يوضح أبو تمام أن السيف والقوة العسكرية هما أصدق وسيلة لإظهار الحقيقة وتحقيق الانتصارات، مقارنةً بالكلام المكتوب والمعرفة النظرية التي كثيرًا ما تكون مزخرفة وغير واقعية. يصف السيوف بأنها أكثر وضوحًا في إزالة الشكوك من الكتب السوداء، ويؤكد أن العلم الحقيقي يظهر في وميض الرماح في ساحة المعركة وليس في نظريات النجوم أو تكهنات المنجمين. ينتقد الشاعر محاولات تخويف الناس بالتكهنات والأوهام، معتبرًا أن الواقع القوي هو الذي يثبت الحقائق وليس الأحاديث الملفقة أو الأكاذيب المزخرفة.

إِذا بَدا الكَوكَبُ الغَربِيُّ ذو الذَنَبِ

وَصَيَّروا الأَبرُجَ العُليا مُرَتَّبَةً

ما كانَ مُنقَلِباً أَو غَيرَ مُنقَلِبِ

يَقضونَ بِالأَمرِ عَنها وَهيَ غافِلَةٌ

ما دارَ في فُلُكٍ مِنها وَفي قُطُبِ

لَو بَيَّنَت قَطُّ أَمراً قَبلَ مَوقِعِهِ

لَم تُخفِ ما حَلَّ بِالأَوثانِ وَالصُلُبِ

فَتحُ الفُتوحِ تَعالى أَن يُحيطَ بِهِ

نَظمٌ مِنَ الشِعرِ أَو نَثرٌ مِنَ الخُطَبِ

فَتحٌ تَفَتَّحُ أَبوابُ السَماءِ لَهُ

وَتَبرُزُ الأَرضُ في أَثوابِها القُشُبِ

يا يَومَ وَقعَةِ عَمّورِيَّةَ اِنصَرَفَت

مِنكَ المُنى حُفَّلاً مَعسولَةَ الحَلَبِ

أَبقَيتَ جَدَّ بَني الإِسلامِ في صَعَدٍ

وَالمُشرِكينَ وَدارَ الشِركِ في صَبَبِ

أُمٌّ لَهُم لَو رَجَوا أَن تُفتَدى جَعَلوا

فِداءَها كُلَّ أُمٍّ مِنهُمُ وَأَبِ

  • في هذه الأبيات، يستمر أبو تمام في مدح النصر العظيم في فتح عمورية ويُسخر من علم التنجيم والمنجمين الذين يزعمون معرفة الغيب ويصدرون أحكامًا عن الأحداث بناءً على مواقع النجوم.
  • يُبرز الشاعر عبثية التنبؤات، مشيرًا إلى أن النجوم لا تدرك ما يحدث حولها، وأنها عاجزة عن كشف الحقيقة قبل وقوعها، وإلا لكانت قد حذرت من تحطم الأوثان والصليب (رمز الروم) في هذا الفتح العظيم.
  • يعبر أبو تمام عن عظمة هذا النصر، مشددًا على أن فتح عمورية يتجاوز قدرة الشعر والنثر على التعبير عنه. ويصور يوم المعركة كيوم انتصار كبير، جعل المسلمين في علو والشرك في انحدار، وأبقى للإسلام مجده ورفعته.
  • ويختم بمدح عمورية، مبيّنًا أنها لو كانت تفتدى، لجعل الروم كلّ أمهاتهم وآبائهم فداءً لها نظرًا لمكانتها لديهم.

وَبَرزَةِ الوَجهِ قَد أَعيَت رِياضَتُها

كِسرى وَصَدَّت صُدوداً عَن أَبي كَرِبِ

بِكرٌ فَما اِفتَرَعتَها كَفُّ حادِثَةٍ

وَلا تَرَقَّت إِلَيها هِمَّةُ النُوَبِ

مِن عَهدِ إِسكَندَرٍ أَو قَبلَ ذَلِكَ قَد

شابَت نَواصي اللَيالي وَهيَ لَم تَشِبِ

حَتّى إِذا مَخَّضَ اللَهُ السِنينَ لَها

مَخضَ البَخيلَةِ كانَت زُبدَةَ الحِقَبِ

أَتَتهُمُ الكُربَةُ السَوداءُ سادِرَةً

مِنها وَكانَ اِسمُها فَرّاجَةَ الكُرَبِ

جَرى لَها الفَألُ بَرحاً يَومَ أَنقَرَةٍ

إِذ غودِرَت وَحشَةَ الساحاتِ وَالرُحَبِ

لَمّا رَأَت أُختَها بِالأَمسِ قَد خَرِبَت

كانَ الخَرابُ لَها أَعدى مِنَ الجَرَبِ

كَم بَينَ حيطانِها مِن فارِسٍ بَطَلٍ

قاني الذَوائِبِ مِن آني دَمٍ سَرَبِ

  • في هذه الأبيات، يستعرض أبو تمام مكانة عمورية وصلابتها عبر التاريخ، ويصورها كعذراء متمنعة لم يتمكن منها أحد من قبل، بما في ذلك شخصيات تاريخية عظيمة مثل الإسكندر. يشير إلى أن محاولات السيطرة عليها ظلت تبوء بالفشل، وأنها لم تتعرض للأذى أو الانكسار رغم مرور العصور وتعاقب الأحداث.
  • ثم يصف كيف أن الله قضى بتحقيق هذا النصر الفريد في وقته، ويشير إلى أن عمورية، التي كانت ملاذًا يصعب الوصول إليه، قد تحولت في النهاية إلى مسرح للهزيمة الكبرى. يتطرق إلى حكاية المصير المؤلم لمدينة أنقرة التي كانت شقيقة عمورية وسقطت قبلاً، مما جعل خراب عمورية حتميًا مثلما ينتشر الجرب في الجسد.
  • وفي نهاية الأبيات، يصف كيف أن شوارعها كانت مليئة بالمحاربين الأبطال الذين سالت دماؤهم دفاعًا عنها، مما يجعل النصر عليها إنجازًا بالغ العظمة. تصور هذه الأبيات قوة المسلمين وعزيمتهم التي مكنتهم من التغلب على هذه المدينة التاريخية العتيدة، وكأن سقوطها كان قدرًا محتوماً كتبته السنين.

بِسُنَّةِ السَيفِ وَالخَطِيِّ مِن دَمِهِ

لا سُنَّةِ الدينِ وَالإِسلامِ مُختَضِبِ

لَقَد تَرَكتَ أَميرَ المُؤمِنينَ بِها

لِلنارِ يَوماً ذَليلَ الصَخرِ وَالخَشَبِ

غادَرتَ فيها بَهيمَ اللَيلِ وَهوَ ضُحىً

يَشُلُّهُ وَسطَها صُبحٌ مِنَ اللَهَبِ

حَتّى كَأَنَّ جَلابيبَ الدُجى رَغِبَت

عَن لَونِها وَكَأَنَّ الشَمسَ لَم تَغِبِ

ضَوءٌ مِنَ النارِ وَالظَلماءِ عاكِفَةٌ

وَظُلمَةٌ مِن دُخانٍ في ضُحىً شَحِبِ

فَالشَمسُ طالِعَةٌ مِن ذا وَقَد أَفَلَت

وَالشَمسُ واجِبَةٌ مِن ذا وَلَم تَجِبِ

تَصَرَّحَ الدَهرُ تَصريحَ الغَمامِ لَها

عَن يَومِ هَيجاءَ مِنها طاهِرٍ جُنُبِ

لَم تَطلُعِ الشَمسُ فيهِ يَومَ ذاكَ عَلى

بانٍ بِأَهلٍ وَلَم تَغرُب عَلى عَزَبِ

ما رَبعُ مَيَّةَ مَعموراً يُطيفُ بِهِ

غَيلانُ أَبهى رُبىً مِن رَبعِها الخَرِبِ

وَلا الخُدودُ وَقَد أُدمينَ مِن خَجَلٍ

أَشهى إِلى ناظِري مِن خَدِّها التَرِبِ

سَماجَةً غَنِيَت مِنّا العُيونُ بِها

عَن كُلِّ حُسنٍ بَدا أَو مَنظَرٍ عَجَبِ

وَحُسنُ مُنقَلَبٍ تَبقى عَواقِبُهُ

جاءَت بَشاشَتُهُ مِن سوءِ مُنقَلَبِ

لَو يَعلَمُ الكُفرُ كَم مِن أَعصُرٍ كَمَنَت

لَهُ العَواقِبُ بَينَ السُمرِ وَالقُضُبِ

تَدبيرُ مُعتَصِمٍ بِاللَهِ مُنتَقِمٍ

لِلَّهِ مُرتَقِبٍ في اللَهِ مُرتَغِبِ

وَمُطعَمِ النَصرِ لَم تَكهَم أَسِنَّتُهُ

يَوماً وَلا حُجِبَت عَن رَوحِ مُحتَجِبِ

لَم يَغزُ قَوماً وَلَم يَنهَض إِلى بَلَدٍ

إِلّا تَقَدَّمَهُ جَيشٌ مِنَ الرَعَبِ

  • في هذه الأبيات، يصور أبو تمام عظمة الخليفة المعتصم ونصره في معركة عمورية، ويعبر عن أن هذا الفتح تم بقوة السيف والدماء وليس فقط بقوة الدين. يبدأ بالإشارة إلى أن المعتصم ترك عمورية مستباحة، مدمرة ومشتعلة بالنيران حتى كأن الليل قد اختلط بالنهار، وأصبحت السماء مضاءة بلون اللهب والدخان.
  • يصور مشهد الدمار والخراب، مشبّهًا لهب الحريق بشروق الشمس الدائم، مما يجعل المدينة تبدو وكأنها قد أصيبت بلعنة أبديّة.
  • ثم يمدح المعتصم باعتباره قائداً عظيماً، يسعى للانتقام والعدل في سبيل الله، ويغذي جيشه بالنصر الذي لا يخبو. يعبر عن أن المعتصم يخوض معاركه بأسلوب يرهب الأعداء قبل وصوله بجيشه، فيسبق الخوف وصوله.
  • يختم بالإشارة إلى أن المعتصم ليس فقط غازياً عظيماً، بل لديه تدبيرٌ حكيم، مستعدٌ للانتقام من الكفر، وأنه لا يخوض حرباً إلا بعد أن يبث الرعب في قلوب خصومه، ما يبرز عظمة قوته وهيبته.

لَو لَم يَقُد جَحفَلاً يَومَ الوَغى لَغَدا

مِن نَفسِهِ وَحدَها في جَحفَلٍ لَجِبِ

رَمى بِكَ اللَهُ بُرجَيها فَهَدَّمَها

وَلَو رَمى بِكَ غَيرُ اللَهِ لَم يُصِبِ

مِن بَعدِ ما أَشَّبوها واثِقينَ بِها

وَاللَهُ مِفتاحُ بابِ المَعقِلِ الأَشِبِ

وَقالَ ذو أَمرِهِم لا مَرتَعٌ صَدَدٌ

لِلسارِحينَ وَلَيسَ الوِردُ مِن كَثَبِ

أَمانِياً سَلَبَتهُم نُجحَ هاجِسِها

ظُبى السُيوفِ وَأَطرافُ القَنا السُلُبِ

إِنَّ الحِمامَينِ مِن بيضٍ وَمِن سُمُرٍ

دَلوا الحَياتَينِ مِن ماءٍ وَمِن عُشُبِ

لَبَّيتَ صَوتاً زِبَطرِيّاً هَرَقتَ لَهُ

كَأسَ الكَرى وَرُضابَ الخُرَّدِ العُرُبِ

عَداكَ حَرُّ الثُغورِ المُستَضامَةِ عَن

بَردِ الثُغورِ وَعَن سَلسالِها الحَصِبِ

أَجَبتَهُ مُعلِناً بِالسَيفِ مُنصَلِتاً

وَلَو أَجَبتَ بِغَيرِ السَيفِ لَم تُجِبِ

حَتّى تَرَكتَ عَمودَ الشِركِ مُنعَفِراً

وَلَم تُعَرِّج عَلى الأَوتادِ وَالطُنُبِ

لَمّا رَأى الحَربَ رَأيَ العَينِ توفِلِسٌ

وَالحَربُ مُشتَقَّةُ المَعنى مِنَ الحَرَبِ

غَدا يُصَرِّفُ بِالأَموالِ جِريَتَها

فَعَزَّهُ البَحرُ ذو التَيّارِ وَالحَدَبِ

هَيهاتَ زُعزِعَتِ الأَرضُ الوَقورُ بِهِ

عَن غَزوِ مُحتَسِبٍ لا غَزوِ مُكتَسِبِ

لَم يُنفِقِ الذَهَبَ المُربي بِكَثرَتِهِ

عَلى الحَصى وَبِهِ فَقرٌ إِلى الذَهَبِ

إِنَّ الأُسودَ أُسودَ الغيلِ هِمَّتُها

يَومَ الكَريهَةِ في المَسلوبِ لا السَلَبِ

وَلّى وَقَد أَلجَمَ الخَطِّيُّ مَنطِقَهُ

بِسَكتَةٍ تَحتَها الأَحشاءُ في صَخَبِ

أَحذى قَرابينُهُ صَرفَ الرَدى وَمَضى

يَحتَثُّ أَنجى مَطاياهُ مِنَ الهَرَبِ

مُوَكِّلاً بِيَفاعِ الأَرضِ يُشرِفُهُ

  • ثم يصف كيف كان المعتصم محاطًا بجنوده الواثقين، ويشير إلى أن الله هو مفتاح انتصاراتهم. يتحدث عن الأماني التي سلبتهم، ويعبر عن أن سيوفهم كانت هي الوسيلة الحقيقية لتحقيق النصر. كما يُظهر صورة حية للحرب، حيث أن الموت هو مصير الأعداء الذين يواجههم المعتصم.
  • يستمر الشاعر في تصوير شجاعة المعتصم ويشير إلى أنه استجاب لنداء الحرب بشجاعة، مُعلنًا استعداده للقتال بالسيف. يعبر عن مدى خطورة الحرب، حيث كانت تهدد الجميع، ويصف كيف كان المعتصم عازمًا على هدم معاقل الشرك دون أن يلتفت إلى أي عوائق.
  • وفي النهاية، يُظهر كيف أن المعتصم كان مستعدًا تمامًا للقتال وحقق النصر، مما جعله رمزًا للقوة والشجاعة في أذهان الناس. تُعبر الأبيات بشكل مجمل عن البطولة والفخر بالنصر الذي حققه المعتصم في معركة عمورية، حيث يُظهر الشاعر كيف أن الإيمان والقدرة العسكرية هما مفتاحا الانتصار.

مُوَكِّلاً بِيَفاعِ الأَرضِ يُشرِفُهُ

مِن خِفَّةِ الخَوفِ لا مِن خِفَّةِ الطَرَبِ

إِن يَعدُ مِن حَرِّها عَدوَ الظَليمِ فَقَد

أَوسَعتَ جاحِمَها مِن كَثرَةِ الحَطَبِ

تِسعونَ أَلفاً كَآسادِ الشَرى نَضِجَت

جُلودُهُم قَبلَ نُضجِ التينِ وَالعِنَبِ

يا رُبَّ حَوباءَ حينَ اِجتُثَّ دابِرُهُم

طابَت وَلَو ضُمِّخَت بِالمِسكِ لَم تَطِبِ

وَمُغضَبٍ رَجَعَت بيضُ السُيوفِ بِهِ

حَيَّ الرِضا مِن رَداهُم مَيِّتَ الغَضَبِ

وَالحَربُ قائِمَةٌ في مَأزِقٍ لَجِجٍ

تَجثو القِيامُ بِهِ صُغراً عَلى الرُكَبِ

كَم نيلَ تَحتَ سَناها مِن سَنا قَمَرٍ

وَتَحتَ عارِضِها مِن عارِضٍ شَنِبِكَم

كانَ في قَطعِ أَسبابِ الرِقابِ بِها

إِلى المُخَدَّرَةِ العَذراءِ مِن سَبَبِ

كَم أَحرَزَت قُضُبُ الهِندِيِّ مُصلَتَةً

تَهتَزُّ مِن قُضُبٍ تَهتَزُّ في كُثُبِ

بيضٌ إِذا اِنتُضِيَت مِن حُجبِها رَجَعَت

أَحَقَّ بِالبيضِ أَتراباً مِنَ الحُجُبِ

خَليفَةَ اللَهِ جازى اللَهُ سَعيَكَ عَن

جُرثومَةِ الدِينِ وَالإِسلامِ وَالحَسَبِ

بَصُرتَ بِالراحَةِ الكُبرى فَلَم تَرَها

تُنالُ إِلّا عَلى جِسرٍ مِنَ التَعَبِ

إِن كانَ بَينَ لاتي نُصِرتَ بِها

وَبَينَ أَيّامِ بَدرٍ

صُروفِ الدَهرِ مِن رَحِمٍ

مَوصولَةٍ أَو ذِمامٍ غَيرِ مُنقَضِبِ

فَبَينَ أَيّامِكَ الأَقرَبُ النَسَبِ

أَبقَت بَني الأَصفَرِ المِمراضِ كَاِسمِهِمُ

صُفرَ الوُجوهِ وَجَلَّت أَوجُهَ العَرَبِ

  • في هذه الأبيات، يستمر أبو تمام في مدح الخليفة المعتصم ويبرز شجاعته وقيادته الحكيمة في المعارك. يبدأ الشاعر بتصوير المعتصم كقائد حكيم يوكل إلى الأرض وجنوده، مشيرًا إلى تماسكهم في مواجهة الخوف. يعبر عن استعدادهم للتصدي لأعدائهم الذين يبدون كوحوش ضخمة، حيث يشير إلى أن المعتصم وفّر لهم القوة اللازمة لمواجهة الأعداء، ونجح في تحويل الخوف إلى حماسة وشجاعة.
  • ثم يتحدث عن المعركة ويصف أجواءها، مشيرًا إلى أن الحرب كانت في ذروتها، وأن المحاربين كانوا يقاتلون بكل شجاعة. يتناول الشاعر أيضًا الفخر الذي يشعر به المعتصم وجنوده، حيث يرى أن سيوفهم هي تجسيد للقوة والعزيمة، وأنهم مستعدون دائمًا للحرب.
  • يستعرض الشاعر منجزات المعتصم، متحدثًا عن الانتصارات التي حققها في معارك سابقة، مثل معركة بدر، وكيف ساهمت تلك الانتصارات في تعزيز مكانته ومكانة الإسلام. يعكس أبو تمام أيضًا كيف أن الأيام التي خاضها المعتصم كانت متصلة بشكل وثيق بتراث العرب وتاريخهم.
  • ختامًا، يشير إلى تفوق المعتصم على الأعداء، وينبه إلى أن الذين لم يتمكنوا من الانتصار عليه هم في حالة من الذل والمهانة. تظهر الأبيات بشكل عام قوة المعتصم كقائد عسكري حكيم ونجاحه في حماية الإسلام ورفع رايته، مما يجعله رمزًا للفخر والبطولة في عيون المسلمين.

الصور البلاغية في قصيدة المتنبي السيف اصدق انباء من الكتب

تحتوي القصيدة على العديد من الصور البلاغية، منها الاستعارة، والتشبيه، والكناية، والصور التعبيرية، وإليك تحليل بعض الأبيات:

1. الاستعارة:

  • "السَيفُ أَصدَقُ أَنباءً مِنَ الكُتُبِ": هنا نجد استعارة، حيث يربط الشاعر بين السيف (كأداة قتال) وبين نقل الحقائق، مما يشير إلى أن القوة (التي يمثلها السيف) أصدق في نقل الحقائق من الكلمات المكتوبة.

2. التشبيه:

  • "بيضُ الصَفائِحِ لا سودُ الصَحائِفِ في": يمكن اعتبار هذه العبارة تشبيهًا ضمنيًا، حيث يقارن الشاعر بين قوة الصفائح البيضاء (السيوف) وضعف الصحائف السوداء (الكتب)، مما يعني أن السيوف تمثل القوة والفعل، بينما الصحائف تمثل الكلام والنظريات.

3. الكناية:

  • "حَدِّهِ الحَدُّ بَينَ الجِدِّ وَاللَعِبِ": تعبير "حَدِّهِ" كناية عن القتال، حيث يتحدث عن الحدود التي تفصل بين الجدية في القتال واللهو، مما يشير إلى أهمية السيف في التمييز بين الأمور الجادة والمزاح.

4. الصور التعبيرية:

  • "بيضُ الصَفائِحِ": تعبير تشكيلي يدل على القوة والسطوع، مما يوحي بأن السيوف تلمع وتبدو رائعة.
  • "جَلاءُ الشَكِّ وَالرِيَبِ": يعبر عن الفكرة بأن السيوف تزيل الشكوك والريب، مما يعطي صورة قوية عن القوة التي تمتلكها.

5. التعظيم:

  • "السبع الأسود": تعبير يشير إلى القوة والهيبة، حيث يرمز إلى الشجاعة.

6. التضاد:

  • "بيضُ الصَفائِحِ لا سودُ الصَحائِفِ": هنا نجد تضادًا بين "بيض" و"سود"، مما يعزز الفكرة بأن القوة (السيف) تتفوق على المعرفة (الكتب).

إعراب قصيدة السيف أصدق أنباء من الكتب

إليك إعراب الأبيات:

السَيفُ أَصدَقُ أَنباءً مِنَ الكُتُبِ

  • السَيفُ: مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
  • أَصدَقُ: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره، و"أ" حرف استفهام أو أداة نفي حسب السياق، لكن هنا بمعنى أنه مفعول به أول.
  • أَنباءً: مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.
  • مِنَ: حرف جر.
  • الكُتُبِ: اسم مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره، والجار والمجرور متعلقان بـ"أَصدَقُ".

في حَدِّهِ الحَدُّ بَينَ الجِدِّ وَاللَعِبِ

  • في: حرف جر.
  • حَدِّهِ: اسم مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره، والجار والمجرور متعلقان بـ"أَصدَقُ".
  • الحَدُّ: مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
  • بينَ: ظرف مكان، متعلق بـ"حَدّ".
  • الجِدِّ: اسم مجرور بعد "بين" وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره.
  • وَ: حرف عطف.
  • اللَعِبِ: اسم مجرور بعد "بين" وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره.

بيضُ الصَفائِحِ لا سودُ الصَحائِفِ في

  • بيضُ: مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
  • الصَفائِحِ: مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره.
  • لا: نافية.
  • سودُ: مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
  • الصَحائِفِ: مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره

مُتونِهِنَّ جَلاءُ الشَكِّ وَالرِيَبِ

  • في: حرف جر.
  • مُتونِهِنَّ: اسم مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره، والجار والمجرور متعلقان بـ"جَلاءُ".
  • جَلاءُ: اسم مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
  • الشَكِّ: مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره.
  • وَ: حرف عطف.
  • الرِيَبِ: اسم مجرور بعد "و" وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره.
وختامًا، تعتبر قصيدة "السيف أصدق أنباء من الكتب" واحدة من أبرز القصائد التي تعكس قوة الشعر العربي التقليدي وبلاغته. من خلال استخدام الصور البلاغية المتنوعة، يعبر الشاعر عن فكرة مركزية تتمحور حول دور القوة والبطولة في مواجهة التحديات والمواقف الصعبة.

للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط

تم النسخ
لم يتم النسخ